مراحل النمو العقلي عند برونر

    اشتهرت نظرية برونر في الولايات المتحدة الأمريكية لأنها استخدمت المصطلحات والطرق الأكثر تناسباً مع طريقة التفكير الأمريكية من جهة ولأنها ربطت التطور المعرفي عند الأطفال بنظرية التعلم من جهة ثانية.

1. المرحلة المحسوسة (النمط العملي)

    سلوك الطفل الحركي هو أول نمط من أنماط التفكير عند الأطفال ويتكون خلال ما يقوم به الطفل من أفعال نحو الأشياء وحيث تحتل العالم الخارجي ممثلاً حركياً من خلال الخبرات اليومية التي تدعوه إلى التمثيل العملي مثل اللمس والتذوق وتحريك الأشياء والإمساك بها ولا غرابة في أن الطفل الصغير يفهم بيئته المحيطة به من خلال ما يفعله في هذه البيئة من أمثلة ذلك تعلم الطفل ركوب الدراجة الهوائية فالذي يلزمه هنا أكثر من غيره ليس الكلمات وليس الصور الذهنية والتخيلات بل الذي يساعده في إتقان هذه المهارة ما يقوم به من حركات وإتقان لتلك الحركات على الدراجات. (عند بياجيه تسمى المرحلة الحس-حركية).

2. المرحلة المصورة (التخيل)

    تتمثل في أشكال متعددة من التخيلات الحسية والصور البصرية وهي شكل من أشكال التمثيل أكثر تقدماً وتعقيداً من الشكل الأول كما أن هذه المقدرة مهمة جداً للطفل فهي تمكنه من الاستفادة من الأشياء التي تعد موجودة أمامه توفر الصور الذهنية للطفل إلى جانب ميله الفطري ومن طبيعته نحو التنظيم والتشكيل تسمح له في سن الثانية والثالثة بالتنبؤ البسيط والتقدير وإدراك المعلومات.

3. المرحلة المجردة (الرمزية)

    مع النمو تأخذ الكلمات تدريجياً مكان الأشياء التي تمثلها فاستخدام اللغة كأداة للتفكير أي تذويتها هو المهم، فالطفل الصغير يستخدم اللغة كامتداد لما يقوم به من تأثير الأشياء أي بها يشير للأشياء وبالتدريج فقط يستخدم الكلمات لتحل محل أشياء ليست حاضرة الآن، ولكي يستخدم اللغة كأداة للفكر يجب أن يمثل عالم الخبرة في ضوء مبادئ التنظيم التي تشبه في شكلها المبادئ التركيبية للمعنى وبدون تدريب خاص. ويعتقد برونر أن الطفل يصل للرشد وهو لا يزال يعتمد على المرحلتين السابقتين إلى حد كبير بغض النظر عن اللغة التي يتكلمها.
    الفكرة الجوهرية في الرمزية هي أن تكون هناك كلمة تدل على شيء أو ترتبط به في نفس الوقت عشوائياً وما يلفت النظر في اللغة كواحدة من التعابير المتخصصة في النشاط الرمزي هو أن تصل في أحد مظاهرها وهو بناء الجمل إلى النضج بسرعة أكبر مما تصل إليه في مظاهرها الأخرى. فطفل الخمس سنوات يستطيع تجميع كلمات وجمل.

أفكار برونر في تدريس العلوم

1. تعلم المفاهيم العلمية

يرى برونر أن هناك خمسة عناصر مهمة بالنسبة للمفهوم العلمي تُسهل تعلمه. وهذه العناصر هي:
‌أ. اسم المفهوم: عنصر التسمية عامل مهم لأنه يساعد المتعلم على تذكر بعض الصفات التي تخص المفهوم.
‌ب. تعريف المفهوم: ويتمثل في عبارة تصف العلاقات بين الصفات أو المكونات الأساسية للمفهوم.
‌ج. الصفات المميزة للمفهوم: تُساعد على تعريف المفهوم وتشمل اللون والعدد والحجم الخ...
‌د. قيمة المفهوم: ويحدد هذا العنصر قيمة المفهوم بالنسبة لغيره من المفاهيم.
‌ه. أمثلة للمفاهيم: استخدام أمثلة للمفهوم بهدف توضيحه وتسهيل تعلمه.

2. التعلم بالاكتشاف

يؤكد برونر على أن ما يكتشفه الطالب بنفسه من حقائق علمية ومفاهيم ومبادئ وما بينها من علاقات أكثر فائدة للطلاب وأوسع استخداماً ويدوم في الذاكرة لفترة أطول من المعلومات المحفوظة.
وضع ( برونر) مجموعة من النقاط التي يمكن عدها شروطا للتعلم بالاكتشاف. وهي:

1. استثارة اهتمام التلاميذ بموضوع التعلم

قبل أن يبدأ موضوع الدرس يجب أن نتأكد من أن التلاميذ على درجة من الانتباه والتيقظ والرغبة في التعلم لأن هذا العامل على درجة عالية من الأهمية ولا يمكن من دونه أن يحدث تعلم. فلا نتوقع من التلميذ أن يتعلم، أو يكتسب معلومة وذهنه مشغول بأمور أخرى، أو يرى عدم أهمية هذا الموضوع بالنسبة له. ويمكن للمدرس أن يحقق الاستثارة الضرورية لجذب اهتمام التلاميذ بأساليب عدة، كأن يبدأ بسؤالهم عن بعض القضايا المرتبطة بالموضوع أو بأهمية هذا الموضوع لحياتهم الخاصة وحياة الناس في المجتمع بشكل عام.

2. أخذ مستويات التلاميذ بعين الاعتبار

لا يمكن أن يتم التعلم إذا لم يأخذ المعلم باعتباره المستويات العقلية للتلاميذ. فكما نعرف أن التلاميذ، في أي سنة دراسية أو مرحلة تعليمية، لهم مستويات عقلية تختلف عن السنوات والمراحل الأخرى. لذلك يجب أن يعكس التدريس هذه المستويات. ونحن نقدر حرص المدرس على أن يرتقي بتفكير التلاميذ ويمدهم بالخبرات اللازمة، ولكن ذلك يجب أن يكون في إطار وحدود قدراتهم فقط. فمن الضروري أن يفهم المدرس، ويتفهم هذه القدرات، ويعرف الكيفية التي يتعلم من خلالها التلاميذ، فلا يتعامل مع تلاميذ المرحلة الابتدائية بالصور نفسها كما لو كانوا في المرحلة الثانوية، وبالمنطق نفسه لا يدرس طلبة المدرسة الثانوية بالطريقة نفسها التي يدرس بها التلاميذ في المرحلة الابتدائية.

3. تسلسل المعلومات

يرى ( برونر ) أن كثيرا من الموضوعات يمكن تدريسها للتلاميذ في المراحل المختلفة، لكن الأمر يعتمد على الكيفية التي تنظم بها هذه الموضوعات، وهذا ما يطلق عليه اسم المنهج الحلزوني أو اللولبي، في هذا المنهج يمكن إعادة كثير من الموضوعات في المراحل الدراسية المختلفة، لكن بشكل موسع من جانب، وباستخدام أنماط تعليم مختلفة من جانب آخر. فبالنسبة له يمكن تعليم الطفل في المرحلة الابتدائية فكرة التعاون من خلال تنظيم أنشطة داخل الفصل حول هذا المفهوم، أما في المرحلة المتوسطة، فيمكن التطرق لهذا المفهوم من خلال التعرض لفكرة الجمعيات التعاونية مثلا وترتيب زيارات لها، ودراسة أهدافها. وقد ينتقل بالتلاميذ في المرحلة الثانوية إلى دراسة موضوع التعاون بين الدول في الجوانب الاقتصادية فيدرسون مثلا الفكرة الأساسية من إقامة مجلس التعاون لدول الخليج. ونلاحظ أن هذا الموضوع الواحد قدم للتلاميذ بالمراحل المختلفة لكن بمستويات أوسع وأكثر تشعبا وتعقيدا.

4. التغذية الراجعة

من الضروري أن يعرف التلميذ مستوى أدائه في كل مرحلة من مراحل التعلم لأن في ذلك تعزيز لأدائه الحالي. ثم الانطلاق منه إلى خطوات ومراحل أخرى من الأداء، أو تعديل في مسار هذا الأول.
إن التغذية الراجعة تقترب من مفهوم السلوكيين لموضوع تعزيز السلوك من جانب، لكنه يختلف عنه بأن التغذية الراجعة توضح مدى الإخفاق أو النجاح في أداء التلميذ من جانب آخر. بعد توفر هذه الشروط يصبح التلميذ جاهزا ومتهيئا للتعلم بالاكتشاف.

فوائد التعلم بالاكتشاف عند برونر

1. زيادة فعالية وقوة الذكاء.

2. التحول من الاعتماد على الآخرين إلى الاعتماد على النفس في التقدير والتفكير.

3. تعلم هيئة وخطوات الاكتشاف كالحصول على المعلومات وتنظيمها وتحويلها وحفظها ومعالجتها.

4. تساعد عملية الاكتشاف على تذكر المعلومات لمدة طويلة وتطبيق ما تعلمه الطالب في مواقف جديدة.

مُعَلِّم العلوم ونظرية برونر

- يجب على معلم العلوم أن يلم بأبعاد نظرية برونر وتطبيقاتها.
- يتعرف على مستويات النمو عند طلابه ليقدم لهم المحتوى المناسب لمستواهم وقدراتهم.
- ينبغي على معلم العلوم أن يكون ملماً بأسلوب الاكتشاف وخطواته المختلفة.
- يكون المعلم قادراً على تدريس الطلاب المفاهيم الخاصة بمعالجة المعلومات والمهارات الأساسية التي بالإمكان تطبيقها في مواقف تعليمية أخرى.
- بالنسبة للتدريس: على المعلم أن يتعرف على ما هو متوفر في مدرسته من إمكانات ومواد وأدوات يمكن أن تخدم عملية الاكتشاف وتذلل المصاعب التي تواجه الطلاب أثناء عملية الاكتشاف.
- ويكون الطالب محور العملية التعليمية والمعلم بمثابة الموجه والمرشد.
- توضيح الأهداف للطلبة.
- تقييم الطلبة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية النمو المعرفي

بيداغوجيا الأهداف